لا تتوقف عندما تصل قمة الجبل

2007 : " لن تستطيع آبل تنفيذ ما تطمع به لأن حجم الشبكات الموجود حاليًا لا يستطيع نقل هذا الكم من المعلومات, وبالتالي طموحها غير منطقي ولن تصل له ".

 ده كان تعليق مايك لازيدرز الرئيس التنفيذي وأحد مؤسسي شركة بلاك بيري بعد ندوة ستيف جوبز اللي قلب فيها الطاولة تمامًا على نوكيا و بلاك بيري وكل شركات المحمول اللي بتشتغل بالنظام ده.

2020:  تعلن شركة بلاك بيري عن إيقاف نشاطها نهائيًا في اغسطس القادم بعد معاناة دامت فوق الـ11 سنة.

يا ترى ايه اللي دهور حال بلاك بيري بعد تصدرها ساحة الهواتف المحمولة في الثمانينات، التسعينات حتى أوائل الألفينات ؟

وقعت بلاك بيرى ضحية للغرور والقرارات الخاطئة والغباء الإداري نتيجة لعدم عملهم بمنهج تطوير الاعمال,  واقتناعهم بأن من صعد الجبل أولًا لن يقع أبدًا, وده في عالم البيزنيس غير منطقي إطلاقاً, مفيش أى مجال سالم من التقلبات, وطوق النجاة الوحيد لأى شركة او كيان اقتصادي هو أنها تستمر على منهج تطوير الاعمال, وبالمناسبة ده مش حاجة سهلة نهائي.. محتاج صبر وبحث ووضع خطط والاستمرار على متابعة وتقييم مدى نجاح هذه الخطط،  انهاردة هنتكلم في عدة نقاط تمثل تطوير الأعمال ويجب على أي مدير تنفيذي في  شركة أن يكون ملمًا بها:

-اول نقطة و أشهرهم هي تطوير المنتج : 
خليك دايما حريص على تطوير منتجك بأكبر قدر من الكفاءة, وتحليل احتياجات عملاءك وكمان العملاء المتوقعين ليك, ده غير طبعا تحليل عميق للمنتجات المنافسة ونقاط قوتهم وضعفهم وعمل تحليل لسوق معتمد على ردود أفعال العملاء ومدى رضائهم عن المنتج, واستخدام هذه النتائج في التطوير والابتكار بعد ذلك.

رجوعاً لقصة بلاك بيري اللي كان اكبر اخطائها عدم تطوير منتجها اعتقاداَ من ادارتها انهم وصلوا لاعلى تطور ممكن توصله الهواتف المحمولة, وسخريتها من اى افكار جديدة ومختلفة ممكن حد يطرحها زى ما عملوا مع ستيف جوبز زى ما ذكرنا فوق لما اتكلم عن ان الموبيلات ممكن يبقوا من غير كيبورد ودمج الكيبورد بداخل الشاشة كما هو الحال فى كل الهواتف الذكية دلوقتى.

من وقت إنشاء بلاك بيرى عام 1985 كانت حصة سيطرتها على سوق الهواتف المحمولة بتزيد بطريقة مهولة وسريعة جدا حتى انها وصلت عام 2009  انها مسيطرة على 50 % من السوق الامريكى و 20% من السوق العالمى,  ومن الاسباب اللى سرعت انتشاره  طبعا خاصية الـBBM  (Black Berry Masanger) اللى كانت طفرة بنسبة لكل الناس, وهى فعلا وقتها كانت شيء مبتكر ومبهر فعلاَ ده غير انهم كان اسلوبهم فى التسويق والمبيعات هايل ومميز ولكن .. من المفترض ان ( ما بعد الابتكار ابتكار اعظم منه ) مش هنقعد نتفرج على ابتكارنا ده العمر كله ونقول بصوا عملنا ايه.. ! ، طلعت الهواتف الذكية الجديدة ونظام الاندرويد ولكن محققتش النجاح المتوقع فى اول سنتين, وعلى العكس حققت بلاك بيرى مبيعات كبيرة جدا فى السنتين دول و ساعتها اتطمنت ادارة شركة بلاك بيرى ان رايهم كان صح وان آبل و كل اللى صدقوا كلامها ومشيوا وراها هيقعوا قريب جداً.

لكن فى اواخر 2009 و بداية 2010 كده بدات الناس تتعرف على آبل وتعرف اختلافه عن بقيت المنافسين, واتجهت سامسونج و HTC فى انتاج هواتف ذكية مستخدمين نظام الاندرويد, والناس بدات تشتريهم وتتعلق بيهم وبعد فترة خضعت بلاك بيرى للوضع ده وحاولت تنتج هواتف ذكية وتعمل نظام تشغيل زى الاندرويد, بس الحقيقة ان كانت خلاص راحت عليهم و الناس بقت بتفضل مركات اشهر وانجح فى المجال ده.
لو ركزنا هنا هنلقى ان اللى حصل ده كان بسبب التأخر فى اتخاذ قرار التغيير, كان ممكن جدا يخدوا القرار ده من 2007 من بداية التطور وكانو ممكن يكونوا رواد فى الهواتف الذكية لانهم كانوا الاشهر وقتها بس غرورهم عماهم زى ما حصل لكيانات كتير غيرهم اختفت مع الوقت. 
اغلبية الناس بتعتقد ان تطوير الاعمال يقتصر فقط على تطوير المنتج وده طبعا اعتقاد خاطئ وسطحى جداً, تطوير الاعمال عبارة عن خلطة من 100 مكون وتفصيلة فمن الظالم له اقتصار تعريفه فى تطوير المنتج فقط. 

-النقطة الثانية:- مراقبة التدفق النقدى لنشاطك التجارى 
كمدير تنفيذى للشركة لازم تكون على علم و رؤيا واضحة ودائمة للارقام اليومية والاسبوعية والشهرية للوضع المالى لشركتك، لازم يكون عندك تخطيط دقيق للتدفق النقدى للشركة لانه بيساهم فى تنبيهك للمتاعب او المخاطر اللى ممكن تحصل للشركة, وكمان بتحتاج تخطيط للمقدار النقدى اللى هتحتاجه للاستثمار فى نمو شركتك وتطويرها. ده بيخليك عارف ديما انت فين وهتبقى فين ومستعد لاى تخبط يحصل للشركة.

النقطة الثالثة وهى معرفة المنافس جيداً 
اعرف المنافس بتاعك كويس وادرس كل خطواته من استراتيجيات التسويق والمبيعات اللى بيتبعها لجودة منتجه و ما يميزه عنك, وكمان تابع مكانك و مكانه فى السوق, اى ترتيب منافسيك فى السوق مين ممكن ينزل ومين يطلع وتابع الوافدين الجدد للمجال ومتسنهونش ابدا ان حد منهم يكسب السوق فى لحظة (تعلم من اخطاء الاخريين ) 
حاول ديما تعرف منافسك بيعمل ايه عشان تملأ الفراغ اللى هو مش قادر يسده وتحل المشكلة اللى عنده بس عندك انت ، زى ما عملت سناب شات كده اول ما نزل كان فيه ميزة مبتكرة مش عند اى ابليكشين تانى وهى اختفاء اى محتوى ينزله بعد عدد ساعات معين و اللى خلى كيانات كبيرة بتحاول الاستحواذ عليه زى فيسبوك و جوجل.

النقطة الرابعة استهداف سوق جديد
متوصلش لمكان معين وتقول انا هنا تمام والاول فى السوق, ده لان مهما وصل نجاحك فى سوق ما هيبدا يقل وتدخل فى مرحلة ركود وعشان كده لازم تخلق لنفسك كل يوم سوق جديد ومنافسة جديدة عشان ابداعك يزيد ويبقى عندك دافع للتطور.

دول اربع نقط بس وما خفى كان اعظم من النقط اللى لازم تاخد بالك منها لو بتهدف لتطوير اعمالك، عندنا امثلة لكيانات كبيرة جدا وقعت بسبب فشلها فى احدى النقط دى زى كوداك، نوكيا و طبعا بلاك بيرى اللى كانت موضوعنا انهاردة و اللى كان ده جزء من اسباب تدهورها.

شركنا برايك عن بلاك بيرى و ايه فى وجهة نظرك سبب اللى حصلها و ازاى كانت ممكن تعدى الازمة وتفضل فى المنافسة.

تعليقات