بداية:
ربما علينا أن نتسائل كيف " نتعامل " مع السلوك
بدلا عن أن نركز على " التخلص منه والقضاء عليه " .
التفكير والتعبير الإيجابي يساعدك انت اولا حتى تشعر بالراحه والهدوء وتتصالح مع حالة طفلك الخاصة ، فتكون بعدها أكثر قدرة على مساعدته .
لماذا لا تنظر الى ال " ايكوليليا" عند طفلك بشكل إيجابي !؟
على الأقل طفلك قادر على النطق
استخدم قابليته على ترديد الكلام من بعدك في بناء حصيلته اللغوية
كلما تعلم كلمات وجمل أكثر كلما زادت قدرته على التواصل والتعبير عن ما يريد ، وبالتالي تقل مشكلة ال " ايكوليليا " تدريجيا .
( تعلم أن توظف السلوك لمصلحة طفلك)
****************
( اكوليليا - Echolalia ) :
** كلمة أصلها إغريقي
Echo: ترديد
Laila : كلام
** هي حالة ترديد كلمات ، جمل ، وأحيانا نص طويل.
هذه الحالة ليست موجودة عند أطفال التوحد فقط بل موجودة عند حالات اخرى
مثلا ( الشيزوفرينيا Schizophrenia
فقدان الذاكرة Dementia
الصرع Epilepsy
بعض المتلازمات Tourette's Syndrome )
** ال ( اكوليليا ) : ترديد الكلام هو جزء طبيعي من مرحلة اكتساب اللغة عند الأطفال الطبيعيين من عمر 1 - 2 سنة وهذا هو العمر الذي يبدأ يتعلم به الطفل التواصل
مثلا /
عندما تسأل طفل طبيعي بعمر سنه
هل تريد بسكوت ؟
يكون رد الطفل عليك بترديد اخر كلمة قلتها ( بسكوت ) .
و المفروض أن تتناقص هذه الحالة عند الأطفال الطبيعيين حتى تتوقف بعمر 3 سنوات لأن الطفل يكتسب اللغة بشكل طبيعي ويتطور التواصل لديه .
في حالة طفل التوحد هناك ضعف في اكتساب اللغة ، ضعف بالتواصل ، لهذا تستمر حالة ترديد الكلام .
** ال اكوليليا عند أطفال التوحد تظهر بشكلين :
الأول :
اكوليليا مباشرة / Immediate Echolalia
ايضا تسمى اكوليليا لغرض التواصل / Interactive echolalia
( ترديد الطفل الكلام مباشرة بعد أن يسمعه منك لكي يتواصل معك )
الثاني :
اكوليليا متأخرة / Delayed echolalia
ايضا تسمى : اكوليليا ليس لغرض التواصل / Non-interactive echolalia
( ترديد كلام سمعه الطفل في وقت سابق مع نفسه / Scripting ) مثل أغنية ، اعلان تلفزيوني ، حوار من فلم كارتوني ، حوار سمعه من المعلم في المدرسة …..وغيرها
………….
في هذا المقال ( الجزء الاول ) نتكلم عن
اكوليليا مباشرة / Immediate Echolalia
( ترديد الطفل الكلام مباشرة بعد أن يسمعه منك لكي يتواصل معك )
مثال :
في بداية تدريب حمزة على النطق
كنت مثلا اسأله
حمزه ماذا تريد ؟
بدل من أن يعطي إجابة ويخبرني ما يريد
اجده يردد نفس السؤال : حمزه ماذا تريد ؟
أو مثال آخر
عندما كنت أسأل
ما اسمك ؟
بدل من ان يقول اسمه أجده يردد السؤال ( ما اسمك ؟ )
………….
*** لماذا يردد طفل التوحد ما تقوله له !؟
الجواب بكل بساطة :
لأنه لا يعرف ماذا يجب أن يقوله لك ، طفل التوحد لم يكتسب اللغة والتواصل بها كما اكتسبها الطفل الطبيعي ، هو يردد ما تقول لأنه يريد التواصل معك لكنه لا يعرف كيف .
***. كيفية التعامل مع سلوك ال اكوليليا المباشرة. ( Immediate Echolalia)
اولا وقبل كل شيء تحتاج لان تكون صبورا
فلا تتوقع أن الموضوع يمكن تعديله بسرعه
بالنسبة لي كنت أعمل مع حمزة بنفس طويل جدا حتى لو ياخذ معي الموضوع أشهر او حتى سنه لا يهمني ، كنت أبقى مستمرة بالعمل لتطوير قابلياته على الكلام
ولكنه يأخذ أسلوب مختلف مع تقدم العمر
هدفي كان تطوير استخدامه لمفردات اللغة ،
وقعت في خطأ حينها اريد ان انبه الأهالي له
وهو:
كنت اعتمد بالدرجة الأساس على صيغة السؤال أغلب الأحيان
حمزه ماذا تريد ؟
حمزه ما هذا ؟
حمزه ماذا تأكل ؟
حمزه ما هذا اللون ؟
حمزه ما اسم هذا الحيوان ؟
وكنت اعتمد على حالة الايكوليليا التي عنده ، فكنت أعطي الجواب وهو يردد بعدي حتى يتعلم المفردات
نعم تعلم الكثير من المفردات وبسرعة ، ولا بأس بهذا الأسلوب في بداية تعلم الطفل النطق ولكن يجب التخلص من اُسلوب " الأسئلة " بعدها وتعليم الطفل من خلال حوارات قصيرة ( سوف اكتب عن هذا لاحقا في إكمال سلسلة مقالات اضطرابات اللغة عند اطفال التوحد )
…….
إذن كيف نوظف الايكوليليا ( ترديد الكلام ) في تطوير التواصل باللغة عند أطفال
سوف أعطي أمثلة
المثال الأول //
كنت اعتمد هذا الأسلوب مع حمزه في العمر المبكر .
حمزه يدخل المطبخ اعرف انه يريد قطعة كيك
( في بداية تدريبه على الكلام كنت أحرص على أن يكون كل شيء بعيد عن متناول يده ولا يمكنه الوصول له ، المطبخ دائما مغلق ، والخزانات ايضا اضع لها قفل ، منع الطفل من الوصول إلى ما يريد هو من أهم الخطوات لتشجيعه على الكلام ) .
الامً : حمزه ماذا تريد ؟
حمزة : " يعيد الجملة نفسها " حمزه ماذا تريد .
هنا أتوقف قليلا وانظر له وأهز راسي بمعنى ( لا ) دون ان اتكلم
" وكأني أقول له ليس هذا ما يجب ان تقوله لتحصل على الكيك "
بعدها أكرر السؤال
الام : حمزه ماذا تريد ؟
وبسرعة أشير بأصبعي الى الكيك حتى أشجعه على أن يقول ( كيك ) مباشرة دون ترديد السؤال
إذا أعطى الإجابة الصحيحة ( كيك ) ، استمر بالحديث معه .
( كان هذا اُسلوب تدريبي من خلال التلقين الإيمائي " أهز راسي واستعمل إصبعي للإشارة " )
اذا لم ينجح اُسلوب التلقين ب الإيماء
انتقل الى استخدام اُسلوب التلقين اللفظي الكامل لانني اعرف انه ( يردد بعدي ) .
الام : حمزة ماذا تريد ؟
بسرعة و قبل ان يكرر الكلام اضع يدي امام فمه دون ان المسه ( وكأني أقول له لاتتكلم )
واهمس بسرعه قريب من أذنه " تغير نبرة الصوت مهمة " : كيك
حمزه : " يردد " كيك
استمر بالحديث معه .
من المهم جدا أن لا تجعل الحديث مع الطفل يقف عند ( سؤال ثم جواب وتلقين فقط ) ، بل عليك ان تستغل الفرصة خاصة عندما ينتظر منك شيء يحبه مثل (الكيك ، حلوى … ) و أن تسترسل معه قليلا في الحديث لتخلق محادثة ولو بسيطة تساعده فيها على تطوير مفرداته وتواصله .
بالعودة للمثال أعلاه
بعد أن أجاب حمزه اجابه صحيحه وقال : كيك
الام : برافو حمزه ، هيا نقطع الكيك معا ،
ثم بحركة وتعابير وجه أعود لأتساءل وانا انظر له وكأنني أفكر مع نفسي ،
وأقول : ماذا نحتاج حتى نقطع الكيك ؟ بماذا نقطع الكيك ؟
ثم اقفز بسعادة وأقول وأنا أشير بأصبعي للسكين : نقطع الكيك ب …………...انتظر ربما هو يعطي الإجابة ….أو أنا أكمل …...السكين .
مع الوقت أتوقف عن التلقين الكامل و أكتفي بالتلميح بأول حرف من الجواب
الام : حمزه ماذا تريد ؟ كي………...وانتظر حتى يكمل هو … كيك
وهكذا بقيت على نفس الأسلوب للتعامل مع ( الايكوليليا ) وبكل هدوء ومن دون تشنج أو انزعاج
مع المزيد من التدريب و اكتساب الطفل مهارات مثل القراءة والكتابة وتقوية التواصل يبدأ الطفل بتعلم إعطاء الإجابة الصحيح دون ترديد الكلام .
حتى و ان عاد الطفل في بعض الأحيان الى ترديد الكلام بعد تحسنه ، عليك أن تتفهم أنه يفعل هذا عندما يجد صعوبة في إعطاء إجابة صحيحة أو انه فقد التركيز في تلك اللحظة وهي حالة عادية عند أطفال التوحد فلا ترتبك ولا تفكر ان طفلك يتراجع .
المثال الثاني //
رأي الأخصائيين الحديث في تعديل ال ايكوليليا :
الاخصائيين الآن ينصحون بتقليل اُسلوب الاسئلة قدر الإمكان مع طفل التوحد واستبداله ب اُسلوب ( النمذجة ) .
كيف ؟
اذا استخدمنا نفس المثال السابق
بدلا من ان اتوجه بالسؤال ل حمزه : ( حمزه ماذا تريد ؟)
الأفضل أن أقول نموذج الجملة التي يجب أن يقولها حتى يرددها بعدي
يعني
عندما دخل حمزه المطبخ وانا اعرف انه يذهب نحو الكيك وقبل أن تصل يده إليه
أبادر أنا أولا
أقول له وأنا أشير بأصبعي نحو الكيك ( اريد كيك )
حمزه يردد : أريد كيك
أعطيه الكيك مباشرة
تكرار هذا التدريب وفِي مواقف اخرى
مثلا عندما يريد ان يخرج ليلعب ، أضع حذائه في مكان مرتفع
عندما يحاول الحصول عليه
أشير بأصبعي نحو الحذاء
وأقول ( ماما اعطيني الحذاء)
الطفل يردد : ماما اعطيني الحذاء
مع الوقت يتعلم الطفل ما يجب أن يقوله
بعد ذالك ربما أكتفي بالإشارة بأصبعي نحو الحذاء ومن دون أن أتكلم
وانتظر ان يبادر هو ويقول : ماما اعطيني الحذاء
المثال الثالث //
هناك بعض الاخصائين والأهالي الذين يستعملون البطاقات
كيف ؟
سأعيد نفس المثال السابق مع حمزة ولكن باستعمال البطاقات
الام : حمزة ماذا تريد ؟
بسرعة ارفع أمامه بطاقه فيها صورة ( كيك ) وأشير لها بأصبعي حتى أشجعه على نطق الإجابة الصحيحة
حمزه : " يردد " كيك
كما ذكرت أنني لم استعمل مع حمزه اُسلوب البطاقات في موضوع ( الايكوليليا تحديدا ) ولكنه الأسلوب الأكثر تأثيرا في كثير من الحالات التي يكون فيها تركيز الأطفال واستجابتهم للصور اكثر من التلقين اللفظي .
…………..
*** لا تستغرب إذا توقف طفلك لسنوات عن سلوك ال ( اكوليليا ) وفجأة عاد لها بعد أن اكتسب اللغة وصار قادرًا على التواصل بها ولو بشكل محدود ، أسلوب التعامل مع السلوك سيكون مختلف
بعد سنوات وبعد ان اصبح حمزه قادر على الكلام والتعبير عن نفسه
يحدث أن يكرر الكلام بعدي
الام : حمزة نادي اختك حان الوقت لنخرج
حمزه : يذهب نحو الغرفه ويقول لأخته ( نادي اختك حان الوقت لنخرج )
الام : حمزة ! حقا انت تقول هذا ، هل تعتقد ما تقوله صحيح ؟
حمزه ينتبه لما يقول ويصحح كلامه
حمزه : ساره هيا وقت الخروج .
هل اصاب بالاحباط والحزن لان حمزه عاد يردد من بعدي بعد سنوات ، بعد أن اكتسب اللغة وصار يتواصل بها ؟
هل اعتبر هذا تراجع ؟
أبدا
مع أطفال التوحد ربما تبقى بعض السلوكيات التي تحدث بين فترة وأخرى وهنا عليك التأقلم والتعايش معها " بكل محبة ورضا " .
يتبع …….
الجزء الثاني :
سيكون عن
اكوليليا متأخرة / Delayed echolalia
ايضا تسمى : اكوليليا ليس لغرض التواصل / Non-interactive echolalia
( ترديد كلام سمعه الطفل في وقت سابق مع نفسه / Scripting ) مثل أغنية ، اعلان تلفزيوني ، حوار من فلم كارتوني ، حوار سمعه من المعلم في المدرسة …..وغيرها
ص
تعليقات
إرسال تعليق