اضطرابات اللغة النمائية

اضطرابات نمو اللغة عند الأطفال

اضطرابات اللغة النمائية من الاضطرابات الأكثر شيوعاً عند الأطفال والتي يبدأ ظهورها بتأخر نمو مهارات النطق واللغة عند الأطفال والذي يمثل نسبة الإصابة بها 10-20% من إجمالي عدد الأطفال تحت سن السنتين وتتلخص أعراضها في:

  • عدم المناغاة بحلول الشهر العاشر (على أن تحتوي المناغاة علي حركات وسواكن من اللغة)
  • عدم استخدام اصبعه للإشارة لشيء بحلول عمر 18 شهر
  • عدم اكتساب 50 كلمة  بحلول سن السنتين
  • عدم استخدام جمل مكونة من كلمتين قبل سن السنتين
  • عدم فهم الكلمات أو الأوامر حتى يتم الإشارة إليهم بحلول عمر السنة .

إن اضطرابات اللغة النمائية تمثل تأخر ملحوظ في استخدام اللغة بمستوياتها المختلفة والذي ينتج عن صعوبة فهم اللغة وضعف القدرة على التعبير والذي يتمثل بقصور في نمو المهارات (الصوتية والصرفية والنحوية والدلاليه بالأضافة لقصور في نمو مهارات استخدام اللغة وهو مايعرف بمهارات اللغة العملية ) ومن المرجح إستمرارها حتى مراحل البلوغ وإن كان نمط ظهورها يأخذ صور وأشكال أخرى ومن الجدير بالذكر ان مصطلح اضطرابات اللغة النمائية لا يمكن اطلاقه  إلا إذا كان قصور الأداء اللغوي غير مصاحب بقصور الأداء العقلي والذهني أواضطراب طيف التوحد أو ضعف السمع أو أي اضطرابات أو حالات طبية أخرى ومن الهام معرفة أن نسبة الإصابه باضطراب اللغة النمائية تمثل 50 ضعف نسبة الإصابة بضعف السمع و5 أضعاف نسبة الإصابة باضطراب طيف التوحد (CDC,2018) لأن تواجد خلل في نمو مهارات النطق واللغة عند هذه الحالات يمثل أحد المعايير التشخيصية كما أن قصور الأداء اللغوي والكلامي لديهم له خصائصه وسماته الخاصة تبع لطبيعة كل اضطراب .

وتشير الدراسات التتبعية لأن هؤلاء الأطفال الذين يعانون من تأخر نمو مهارات النطق واللغة يظهرون أعراض الاضطرابات اللغة النمائية بنسب تتراوح 20-70% وتتمثل نسبة الإصابه بين الأولاد للبنات (3 أولاد لكل بنت) كما تشير الدراسات التي قامت بها الجمعية الأمريكية للنطق والسمع (ASHA) في عام 2018 والتي شارك فيها أكثر من 1100 أخصائي علاج أمراض نطق ولغة وأخصائي سمعيات بأن قلة وعي الأباء والأمهات بالأعراض الأولية لتأخر نمو مهارات النطق واللغة يمثل العائق الأول لتأخر التدخل العلاجي المناسب حيث أظهرت الدراسه أن 70% من الآباء والأمهات ليس لديهم الوعي الكافي بالعلامات الأولية لتطور ونمو مهارات النطق واللغة بالأضافة لأن الأهل في الغالب ينتظرون لمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنه كاملة قبل البدء في إجراءات علاجية مع اختصاصي معتمد لعلاج أمراض النطق واللغة وهو ما اتفق عليه أكثر من 12% من الأخصائيين المشاركين في الدراسة.

ومن الأسئلة الشائعة هو كيفية اختلاف اضطرابات اللغة النمائية عن اضطراب طيف التوحد ؟

وهنا يجب التركيز على أن التشخيص الفارق بينهم يحتاج لمختص على قدر عالي من التدريب والتخصص لأن الفروق متعددة وتتطلب قدرة على الملاحظه الاكلينيكة الدقيقة . ولكن من أهم الفروق  بين الفئتين  هو عدم وجود أنماط سلوكية متككرة مثل رفرفة اليدين أو السير على أطراف أصابع القدم مثلاً عند الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائية على عكس أطفال اضطراب طيف التوحد الذي يكون وجود هذه الاعراض من الخصائص الواجب توافرها لدعم التشخيص . إلا أن الفئتين يتشاركون في وجود مشاكل على مستوى التواصل والتفاعل الاجتماعي .

ويندرج ضمن اضطرابات اللغة النمائية ثلاثة أنواع من أنماط التطور

النمط الأول : 

أطفال يكونوا متأخرين منذ البداية ولكنهم يظهروا تطور ملحوظ بالتدخل العلاجي الفعال في سن 4-5 سنوات ولكن تظل عندهم مشاكل تتعلق بالقراءة وبعض المهارات الأكاديمية الأخرى.

النمط الثاني: 

أطفال يتأخرون ولكنهم لا يظهرون تحسن كافي حتى مع وجود برامج التدخل العلاجي وتظل مهاراتهم اللغوية على مستوى الفهم والتعبير ضعيفة مما ينعكس بشكل كبير على أدائهم الأكاديمي والاجتماعي .

النمط الثالث : 

أطفال يظهرون تطور طبيعي في المراحل الأولى ولكن اللغة لا تتطور بالشكل والنسق المتوقع ولتشخيص مثل هذه الحالات يتطلب برنامج ملاحظة طويل الأمد للتعرف على أوجه الخلل ولمساعدة الطفل علي إجتيازها   

ومن خلال الممارسة العلاجية والإكلينيكية وجدت أن هناك الكثير من المعلومات المغلوطة والأفكار الخاطئة حول تأخر نمو مهارات اللغة عند الأطفال على الرغم من انتشار هذه المشاكل عند عدد ليس بالقليل من أبناءنا ولذلك كان من الواجب إلقاء الضوء على هذه المشكلات بهدف تصحيح المفاهيم ونفي الإلتباس حول تأخر نمو اللغة عند الأطفال.

  • نظرية الاجتياز التلقائي

وهو ما يمثل أكثر الأسباب لزيارة طبيب الأطفال للسؤال عن تأخر ظهور الكلمات الأولى ولكن للأسف يتلقون رسالة مفادها أنة لا داعي للقلق بل والنصيحة بضرورة الانتظار لان الطفل سوف يستطيع اجتياز هذه المشكلة بدون مساعدة !!!

وهو ما يدعمه للأسف نصائح الأهل والأصدقاء وحكاياتهم عن أطفال استمروا صامتين حتى سن 4-5 سنوات وفجأة بدء الحديث وهم الآن لا يتوقفون عن الكلام !!!

ولكن للأسف نتائج الأبحاث لا تدعم هذه الأدعاءات بل وتصل للتحذير من الانتظار لكون الطفل الذي يعاني من تأخر نمو اللغة سوف يعاني بشكل شبه مستمر من تأخر الأداء الأكاديمي وقد يستمر القصور اللغوي حتى مراحل البلوغ وعليه يجب تحفيز الأهل والمختصين وعلى وجه الخصوص أطباء الأطفال لسرعة تحويل الطفل لأخصائي علاج اضطراب النطق واللغة المعتمد للتأكد من سلامة المهارات الأساسية لنمو مهارات وتكون المساعدة المطلوبة في أسرع وقت ممكن لتفادي قائمة طويلة من المضاعفات على الأمد الطويل والقصير و تأثيراتها على الطفل.

  • نظرية عدم جدوى التدخل إذا لم يكن في سن مبكر 

لا شك أن التدخل المبكر له دور مهم في تطوير مستويات الأداء خاصة في حالات الاضطرابات النمائية مثل متلازمة داون واضطراب طيف التوحد ومن الممكن الادعاء بأن التدخل المبكر فعال بشكل كبير مع جميع الحالات التي تؤثر في نمو مهارات اللغة ولكن مفهوم “الشفاء” لا يعتبر الهدف لمثل هذة الحالات وذلك لعدم واقعيتة ولكن تعظيم مستوى الأداء اللغوي خاصة والتواصل عامة يكون هدف أكثر واقعية ولكن الوضع يختلف عندما يكون الـتأخر اللغوي غير مرتبط بحالة مرضية بعينها حيث يكون التدخل العلاجي فعال ويصل لحد الشفاء الكامل ولكن التأخر في التدخل العلاجي يصعب الأمر ولكنه يظل فعال ومؤثر ويحسن من مستوى الأداء اللغوي والأكاديمي حتى لو وصل لسن المراهقة وعليه يجب التراجع أو الإحساس بعدم جدوى التدخل بل يجب التدخل العلاجي في أي سن لتحسين مستوى الأداء والتقليل من تأثير ضعف وقصور الأداء اللغوي على باقي المجالات.

  • نظرية التأثير السلبي للأسرة

يترسخ لدى البعض الربط بين اضطرابات اللغة وقصور التفاعل الاجتماعي بين الطفل ومن حوله وهو ما يتمثل في عدم التفاعل أو التحدث مع الطفل ولكن الأبحاث العلمية أعتبرت أن هذا المفهوم خاطئ حيث أنه لا يمكن إعتبارالأهل مسبب لتأخر النمو اللغوي عند الطفل حيث أثبتت البحوث أنه في أغلب الحالات التي تظهر أعراض تأخر النمو اللغوي الغير مرتبط بحالات اضطرابات نمائية أخري يكون بسبب عوامل جينية تؤثرعلى نمو الدماغ في المراحل الأولى ومن المهم أن نذكر أنه لا يوجد لدينا حتي الأن معلومة عن جين معين يمكننا إستخدامة لعمل فحص بيولوجي /إكلينيكي لإختبار تأخر نمو اللغة ولكن قد يصل العلماء في المستقبل القريب لمثل هذة النتائج !!!

ومن الجدير بالذكر أن التفاعل مع الطفل الذي يعاني من تأخر نمو اللغة يعتبر تحدي للوالدين حيث أن التفاعل يتطلب مشاركة الطرفين لكن إذا كان أحد الطرفين صامت أو مشاركته محدودة والمقصود هنا الطفل فمن الصعوبة الاستمرار في التفاعل وهنا يأتي دور أخصائي علاج أمراض النطق واللغة الذي يساعد الوالدين عن طريق تدريبهم على زيادة فاعلية تفاعلهم مع الطفل لمساعدته على تنمية مهاراته اللغوية.

  • نظرية أن اللغتين مشكلة أكبر

لم يعد تعرض الطفل لأكثر من لغة منذ بداية مراحل التطور اللغوي وضع استثنائي أو قليل الحدوث خاصة في مجتمعاتنا العربية وهو ما يدفع الكثير من الأهل لسؤالي عند زيارتهم الأستشارية الأولى هل يجب أن نستخدم لغة واحدة مع طفلنا المتأخر لغويا بل ويذكر بعضهم أن تلقوا نصائح من بعض أصحاب الاختصاص بضرورة استخدام لغة واحدة مع الطفل !!

ولكن للأسف مثل هذة النصائح غير دقيقة وتفتقد لأي أساس علمي حيث أن البحث العلمي في مجال اكتساب اللغة أثبت بما لا يدعو للشك أن التعرض لنظامين لغويين كالعربية والإنجليزية مثلا لا يؤدي لوجود تأخر نمو مهارات اللغة أواضطراب في مهارات اللغة بل أثبتت هذه البحوث أن الأهل يجب أن يستخدما اللغة التي يشعرون بالراحة لاستخدامها وأن تقديم نظامين لغويين بشرط تطبيق الخطوات الصحيحة المتمثلة في ربط اللغة بالأشخاص والأماكن يدعم نمو اللغتين بشكل إيجابي بل ويساعد الطفل حيث أن تعرض الطفل لنظاميين لغويين له العديد من الجوانب الإيجابية على مستوى الاستخدام والمفردات والتراكيب لكلتا اللغتين.

الأساسيات الثلاثة لتأخر نمو اللغة عند الأطفال:
  • تأخر نمو اللغة مشكله تظهر في التحدث والاستماع.
  • تأخر نمو اللغة مشكله غير ظاهرة ولكنها منتشرة.
  • الدعم من قبل أخصائي علاج أمراض النطق واللغة المعتمد يساعد على تطوير مهارات الطفل والتقليل من التأثير المتوقع على نمو حياة هؤلاء الأطفال وأسرهم في الوقت الحاضر ومستقبلا. 

تعليقات